Fatwa Committee UK Sixth Meeting (Arabic)
Category : Uncategorized
بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الختامي للجنة الفتوى في بريطانيا
الاجتماع الدوري السادس
(جمادى الثانية 1439هـ – مارس 2018م بمدينة لندن)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فقد اجتمعت بتوفيق الله عز وجل لجنة الفتوى في بريطانيا التابعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وذلك في العاصمة البريطانية لندن، في يوم الأربعاء، التاسع عشر من شهر جمادى الآخرة لعام 1439 من الهجرة النبوية، الموافق للسابع من شهر مارس من عام 2018 للميلاد، وهو اجتماع عملها الدوري السادس، وقد تم في هذا اللقاء مناقشة مجموعةٍ من القضايا المستجدة والإجابة على مجموعة من التساؤلات الواردة بالإضافة إلى محاور أخرى ضمن جدول أعمالها، وانتهت بخصوص محور الأسئلة التي وردت بعد البحث والمناقشة إلى ما يلي:
فتوى (6/1)
حكم الانحراف عن القبلة مع معرفة عين جهتها
السؤال: عندنا مصلى بالجامعة ونصلي في اتجاه مستقيم للمبنى ولكن بانحراف عن القبلة، وقد أثير هذا الأمر عدة مرات، وفي آخرها قرر الأخ المسؤول عن الجالية المسلمة بالجامعة الاستمرار في الصلاة بشكل مستقيم بحجة استغلال المساحة، وأن الانحراف واقع في الحدود المسموح بها، وذلك بناءً على فتوى من صديقه المتخرج من جامعة المدينة المنورة.
لكن كثير من الإخوة غير مطمئنين للأمر، فقام أحد الأخوة بتحديد القبلة باستخدام النت وحدد المعلومات التالية: (الصور مرفقة كذلك)
- 1. تبعد مدينتا – شفيلد – عن الكعبة مسافة 4975 كم.
- 2. الانحراف في القبلة يبلغ 20806 كم وهي المسافة من الكعبة إلى النقطة التي تقابلها في خط الاتجاه الذي نصلي إليه حاليًا.
- 3. الانحراف بمقدار 35 درجة تقريبًا.
والفتوى المطلوبة تتمثل في الأسئلة التالية:
- 1. ما حكم صلاتنا في الاتجاه الحالي.
- 2. ما الواجب علينا في الصلوات الماضية، لو أن إجابة السؤال الأول: غير جائزة؟ علمًا بأننا لم تكن لدينا بيانات محددة عن الاتجاه واعتمدنا على الفتوى المذكورة.
- 3. ما الواجب علينا لو أن إجابة السؤال الأول: غير جائزة، إذا حدثت فتنة بالمصلى بعد توضيح الأمر للإخوة؟ فهل نصلي جماعة أخرى في نفس المصلى؟ أم نصلي فرادى حيث لا يتوفر مكان آخر.
وأخيرًا، يا مشايخنا الكرام اسمحوا لي بهذا الطلب: حبذا لو استطعتم تضمين فتواكم بكلام من المشايخ أو الجهات المعروفة في وسط الجالية المسلمة ببريطانيا، فإنه قد يكون أدعى للقبول؛ لأن حالتنا هذه ليست الوحيدة بل كثيرًا ما تحدث إشكاليات بسببها في العديد من المساجد ببريطانيا، وجزاكم الله كل خير.
طلاب جامعة شفيلد -شفيلد – بريطانيا
الجواب: بيان مسألتكم هذه فيما يلي:
أولًا: من المقرر عند عامة أهل العلم أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بالتوجه إلى البيت الحرام، كما قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، ففرض على كل مصل أن يتحرى جهة القبلة في صلاته ليتوجه إليها، وأن يجتهد في ضبط توجهه إليها بأي وسيلة ممكنة، عن طريق العلامات أو الآلات الدالة عليها، أو خبر الثقات من أهل المكان الذين لهم معرفة بجهة هذه القبلة، فالتحري في الاستقبال لا بد منه للمصلي، حتى أن الإمام أحمد بن حنبل قال كما نُقل عنه في حديث “ما بين المشرق والمغرب قبلة”، مع ما هو معروف من الخلاف في ثبوته: “يتحرى الوسط” (المغني، لابن قدامة: 1/457). فرأى التحري بين الجهتين بالتوسط.
نعم، هناك خلاف بين أهل العلم: هل يجب على المكلف أن يستقبل جهة الكعبة أو يستقبل عينها؟
وهو خلاف معروف في كتب الفقه بين الجمهور من جهة والشافعية من جهة أخرى، قال بالأول الجمهور، وقال بالثاني الشافعية، وكلام الجمهور محمول على حالة تعذر معرفة عين الكعبة ولا بد، وأما إذا لم يتعذر كما هو حالكم، فإن الجميع لا يختلف في وجوب قصد عين الكعبة، قال البهوتي الحنبلي: “ويعفى عن انحرافٍ يسيرٍ يمنةً أو يسرةً للخبر، وإصابةُ العين بالاجتهاد متعذِّرة فسقطت وأقيمت الجهة مقامها للضرورة” (شرح منتهى الإرادات، للبهوتي: 1/346).
ويدل لهذا ما رواه البخاري مسلم – رحمهما الله – في صحيحيهما من حديث ابنِ عبَّاسٍ – رضي الله عنهما – أنه قال: لَمَّا دخَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم البيتَ، دعا في نواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ حتى خرَجَ منه، فلمَّا خرَج ركَعَ ركعتينِ في قُبُلِ الكَعبةِ، وقال: “هذه القِبلةُ”.
وعليه فإنه إذا عُلم عين الكعبة تحديدًا، أو ما يدل على عينها، فحينئذ يجب على المصلي أن يتجه إلى العين، ولا يجوز له أن يكتفي بالجهة من غير ضرورة.
وهذا ما قرره بعض المحققين من أهل العلم، قال الصنعاني – رحمه الله – في “سبل السلام” (1/260) بعد أن ذكر حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: “بين المشرق والمغرب قبلة”، قال : “والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة لا العين في حق من تعذرت عليه العين، وقد ذهب إليه جماعة من العلماء لهذا الحديث، ووجه الاستدلال به على ذلك أن المراد أن بين الجهتين قبلة لغير المعاين ومن في حكمه”.
ومعناه أن المعاين للكعبة ومن في حكمه كمن علم بيقين اليوم جهة عين الكعبة عبر الآلات الحديثة، فهذا لا يجوز له الانحراف عما تيقنه؛ لأنه في حكم المعاين للقبلة.
وقد صدر بهذا فتوى للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث برقم (44/1/2) (نرفق لكم صورتها).
وعليه، فحيث إنكم علمتم اتجاه الكعبة تحديدًا فأنتم في حكم المعاين لها، ولا يظهر أن العلماء يختلفون في مثل حالتكم هذه، وإنما وسعوا في استقبال الجهة عند تعذر إصابة العين، كما تقدم.
والانحراف عن جهة القبلة المعلومة بقصد استيعاب عدد أكبر من المصلين، ليس ضرورة تجيز ذلك.
وأما السؤال عن حكم صلاتكم في الفترة السابقة، وقد وقعت لغير القبلة؟
فالذي نراه صحة ما تقدم من صلواتكم؛ حملًا على تعذر معرفتكم القبلة تحديدًا، وكذلك وقعت على تأويلكم في المسألة، وقد قال ابن عبدالبر – رحمه الله -: “وأما من تيامن أو تياسر قليلًا مجتهدًا فلا إعادة عليه في وقت ولا غيره” (الكافي، لابن عبدالبر: 1/199).
وسؤالكم عن ما إذا كان قصد القبلة المتيقنة قد يتسبب في فتنة بين الإخوة. فالذي ننصحكم به هو أن تبلغوا هذه الفتوى للقائمين على هذا المصلى، فنحن نأمل منهم الأخذ بها والتزامها، وفي العادة فإن المسؤولين عن مثل هذه الأماكن يحرصون على رعاية مسؤولياتهم تجاه إخوانهم، وبخاصة ما يتعلق من ذلك بمثل هذا الأمر، وهو الصلاة، وبخاصة فإن المسألة هنا تتعلق بشرط من شروط الصلاة أو ركن على قول، ويجب أن يكون الاجتماع من الجميع في هذا الأمر على المتيقن المعلوم البين، ولا يصح أن يختلف فيه وبسببه، فالاختلاف في مثل هذا مذموم لا يعود على المختلفين بخير، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105].
وفي حالة إصرار القائمين – لا سمح الله – على الانحراف عن القبلة على ما ذكر في السؤال، فإن الذي ننصح به هو أن يُترك الأمر لهم ولا ينازعوا لأجله، وهم المسؤولون أمام الله في ذلك، ولا ننصح أبدًا بالتصدر في أي خلافٍ يحدث فتنة وشقاقًا بين المسلمين وبخاصة في بيوت الله، والخلاف شرٌ كله كما قال الصاحب ابن مسعود – رضي الله عنه -.
لكن نؤكد أن المصلي لا تبرأ ذمته إلا بالصلاة إلى الجهة الصحيحة بعد التيقن من معرفتها، وإذا كان المعتاد أن الجماعة تكرر في هذا المصلى، فيمكن أن تصلوا جماعة أخرى بشرط أن لا يترتب على هذا الفعل نزاع واختلاف وفرقة، أو تتقوا الفتنة فتصلوا فرادى.
فتوى (2/6)
حكم الصلاة في المساجد المختلفة في توجهاتها
السؤال: يوجد في بريطانيا مساجد مختلفة في انتماءاتها كالسلفية والديوبندية والبريلوية، ونسمع من بعض الناس أن الصلاة لا تجوز في مساجد بعض من هم من أهل هذه الانتماءات، فهل يجوز لي أن أصلي في أيٍّ من هذه المساجد؟ وما هو المعتبر بالنسبة لي في تفضيل مسجد من هذه المساجد على غيره لأصلي فيه؟
الجواب: الذي نراه أنّ: (من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته بغيره)، فالاعتبار في هذا الباب بصحة صلاة الإمام في نفسها دون اعتبار مذهبه وتوجهه، فالأصل أنه لا يؤم في مساجد المسلمين إلا من هو منهم، ولا يقدح في صحة الاقتداء شيء خارج عما تصح به الصلاة، كعدالة الإمام أو مذهبه العقدي أو الفقهي فيما يرجع إلى ما يتنازع فيه المسلمون، وقد نص العلماء في العقائد كالطحاوي وغيره أنهم يرون صحة الصلاة خلف البر والفاجر، وذلك منقول عن عبدالله بن عمر من الصحابة وخلق من علماء التابعين فيهم أصحاب عبدالله بن مسعود وغيره، فقد كانوا يصلون حتى خلف الحجاج الثقفي والمختار بن أبي عبيد الثقفي ورؤوس الخوارج، فكيف بمن جرى أمره من أئمة الصلاة على أصل الإسلام والسلامة من فسق ظاهر، وأن غاية الأمر أن يكون مخالفًا في بعض ما تنازع فيه المسلمون باجتهادات علمائهم؟
قال الإمام ابن حزم – رحمه الله -: “ما نعلم أحدًا من الصحابة – رضي الله عنهم – امتنع من الصلاة خلف المختار، وعبيدالله بن زياد، والحجاج، ولا فاسق أفسق من هؤلاء. وقد قال الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2]، ولا بِرَّ أبَرَّ من الصلاة وجمعها في المساجد، فمن دعا إليها ففرض إجابته وعونه على البر والتقوى الذي دعا إليهما، ولا إثم بعد الكفر آثم من تعطيل الصلوات في المساجد، فحرام علينا أن نعين على ذلك”، ونقل ذلك عن الأئمة أبي حنيفة والشافعي وداود الظاهري (المحلى 4/214).
وهذا ما ننصح به كل مسلم في هذه البلاد، أن لا يترك الصلاة خلف إمام من أئمة المساجد في أي مسجد وافقته الصلاة، وفي “صحيح البخاري” عن عبيدالله بن عدي أن عثمان رضي الله عنه قال لما سألوه عن الصلاة أيام الاختلاف والفرقة بين الناس في المدينة في آخر عهده: “الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم”.
والمعتبر شرعًا في تقديم إمام على غيره للصلاة خلفه هو ما ورد به التوجيه النبوي، كما جاء في “صحيح مسلم” عن أبي مسعود الأنصاري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة…” الحديث. ويدل أيضًا على ذلك حديث عمرو بن سَلِمَة الذي في البخاري، وفيه : “وليؤمكم أكثركم قرآنًا”. وإمامة سالم مولى حذيفة وهو كذلك في البخاري، وفيه : “وكان أكثرهم قرآنًا”. فهذه الخصلة هي التي يمكن أن تكون المرجح لترك مسجد معين وقصد غيره مما يمكن الوصول إليه دون كلفة.
فتوى (6/3)
حكم حضور جنازة غير المسلم
السؤال: توفي لي صديق من غير المسلمين كان يعمل معي، ولي معرفة ببعض أقاربه، فهل يجوز لي حضور مراسم جنازته، وكذلك تعزية أهله، علما بأنه سيحرق؟
الجواب: لا نرى مانعًا من حضور المسلم جنازةَ غير المسلم، وبخاصة إذا كانت هناك رابطة من صلة قرابة أو صداقة ونحوها، ولا مانع كذلك من تعزية أهله، فهذا كله داخل في البر الذي أمر الله به المسلمين مع غيرهم، كما قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، كما أن في ذلك تأليفًا للقلوب وإظهارًا لسماحة الإسلام، لكن يراعى عدم مشاركتهم في طقوسهم الدينية التي قد تقع منهم أثناء مراسم التشييع والتعزية، ويتقى شهود عملية الحرق.
فتوى(6/4)
حكم الاستثمار في (Cryptocurrency)
السؤال: ما هو حكم الاستثمار في العملة الرقمية المسماة بـ (Cryptocurrency) بنسبة ثابتة 4% ونحوه؛ علمًا بأن هذه العملة متغيرة، فقد تكون قيمة السهم في هذا الشهر 8 دولارات، وتكون قيمته في الشهر القادم 12 دولارًا، وهكذا، أي في حالة عدم ثبوت فهي في صعود وهبوط باستمرار؟
الجواب: سبق أن أصدرت لجنة الفتوى في بريطانيا فتوى برقم (14/3)بخصوص ما يسمى بعملة البتكوين وهي عملة رقمية تشبه هذا النوع من العملة أيضًا، وقد نصحنا في تلك الفتوى السائلَ بعدم التعامل بهذه العملة؛ لعدم قانونيتها، الأمر الذي يؤثر على قيمتها والتي هي أساس ماليتها، وهذا ما ننصح به السائل بخصوص هذا النوع أيضًا (Cryptocurrency)؛ لأنها عملة على غرار عملة البتكوين، فلا يُتعامل بها استثمارًا أو تجارة حتى يستقر أمرها ويتم الاعتراف القانوني بها، ويكون لها طبيعة ما لسواها من العملات السارية التي يغلب عليها وضعها الاستقرار؛ وذلك حفظًا للأموال والحقوق.
فتوى (6/5)
المال من محل ورثه صاحبه مؤجرًا للخمور
السؤال: ورثتُ محلًا تجاريًا كان مؤجرًا لبيع الخمور قبل أن تصير لي ملكيته، ولا أستطيع إلغاء العقد، فماذا أصنع بمال الإجارة: هل يمكنني إعطاؤه لأولادي، أو أنفقه لصالح المسجد، أو أشتري به ذبائح توزع على المساكين؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
الجواب: الأصل أن تعمل على إنهاء العقد، فإذ تعذر ذلك فنرى أن لك أن تأخذ عائد إجارة المكان وأن تتصرف فيه كحُرّ مالك؛ ذلك لأن العقد أولًا: وقع على المكان لا على بيع الخمر أو الاتجار فيه، وثانيًا: أن العقد قد تم من طرف مورِّثك وورثته أنت على هذه الصفة، ولم يكن لك اختيار في إنهائه والتخلص منه، ولأهل العلم قاعدة مشهورة، وهي: (البقاء أسهل من الابتداء)، ويعبر بعضهم عنها بـ : (يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء)، والمعنى أنه قد يُخفَّف في العقود إذا وقعت ما لا يجوز في ابتدائها قبل وقوعها، وقد فرَّع جمهور الفقهاء على هذه القاعدة مسائل كثيرة، وأفرد لها الإمام العز بن عبد السلام – رحمه الله – قِسمًا خاصًا في كتابه(قواعد الأحكام)، وبناء علي هذه القاعدة ذهب الفقهاء إلى صحة نكاح المُحرم بعد أن وقع، مع أنه أوقعه وهو في حال يحرم عليه النكاح فيه، ومع ذلك صححوا هذا النكاح بناء على هذه القاعدة.
وعليه، فإن هذا العقد يمضي كما ورثته أنت على ما هو عليه، ولا يضرك ما جاءك من مال بناء عليه، لكن إذا انتهت مدة هذا العقد، فلا يجوز لك تجديده، ولا تبرأ ذمتك بعد قدرتك إلا بإنهائه والتخلص منه.
فتوى (6/6)
ما يلزم الشخص تجاه ولده من الزنى
السؤال: شخص مسلم زنى بفتاة غير مسلمة ووُلد له منها ولد، وهو لا يريد أن يتزوج بتلك الفتاة التي زنى بها، فماذا يفعل: هل يجوز له أن يُلحقه به، وما الذي يلزمه تجاهه؟
الجواب: الزنى كبيرة من كبائر الذنوب، وواجب على هذا الشخص أن يبدأ بالتوبة من خطيئته توبة صادقة ويندم ويعزم على عدم الرجوع إلى مثل هذا.
وأما الولد فما دام قد أيقن أنه ولده بيولوجيًّا فلا مانع من أن يستلحقه فيُنسب إليه، ما لم تكن المزني بها متزوجة من شخص آخر حين حملت بهذا المولود، وقد ألحق عمر أولادًا ولدوا في الجاهلية بآبائهم، وجواز استلاحقه على هذه الصفة هو مذهب جماعة من السلف، منهم الحسن البصري وابن سيرين وعروة والنخعي وغيرهم، واختاره جماعة من المحققين منهم ابن تيمية، وهو ما نراه في هذه الحالة، فينسب له الولد، ويتعهده بالرعاية كما يرعى سائر ولده، ولا يُخبره بذلك إذا كَبِر دفعًا لما يترتب على ذلك من إضرار به، ولكونه لا يرث شرعًا بالبنوة فينبغي للأب أن يوصي له بقدر ما يكون له لو كان ولدًا شرعيًّا بشرط أن يكون الوصية في إطار ثلث التركة لا يتجاوزها إن كان الأب ترك وارثين آخرين.
فتوى (6/7)
حكم التهرب من دفع الضريبة
السؤال: لي شركة خاصة في فرنسا وأستعين بشخص يزودني بفواتير غير صحيحة يأخذ عليها نسبة معينة، وأنا أستعمل هذه الفواتير للتهرب من الضريبة، فهي تساعدني في إخفاء بعض الأرباح، وذلك لأن الضريبة التي تفرض عليَّ قد تصل إلى نسبة 40% فهل يجوز لي هذا؟
الجواب: لا يجوز لهذا الشخص الذي ذكرتَ أن يزودك بهذه الفواتير، بل هذا تزوير وكذب لا يحل الإقدام عليه، ولو فعل ذلك مجانًا، كما لا يجوز لك أن تطلب ذلك منه، بل لو فعلت فأنت مشارك له في خطيئته مُعين له على المعصية، والذي ننصحك به هو مراجعة الاستشاريين من القانونيين والمحاسبين الذين لهم الخبرة في إيجاد المخارج القانونية في هذا الباب، والتي ليس منها الكذب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
لجنة الفتوى في بريطانيا